للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٥٨) فإن آل إلى قتالهم أو تلف مالهم فلا شيء على الدافع

(٥٩) وإن قتل الدافع كان شهيدا

(٦٠) ولا يتبع لهم مدبر ولا يجهز على جريح

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

شق عصا المسلمين وإراقة دمائهم وذهاب أموالهم، ويدخل الخارج عليه في عموم قوله: «من خرج على أمتي وهم جميع فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان» ، وينبغي أن لا يقاتل البغاة حتى يراسلوا فيبعث إليهم من يكشف لهم الصواب، فإن لجوا قاتلهم؛ لأن الله سبحانه بدأ بالإصلاح فقال: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩] ، وقد روي أن عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - راسل أهل البصرة قبل وقعة الجمل، وأمر أصحابه أن لا يبدأوهم بالقتال، ثم قال: إن هذا يوم من فلج فيه فلج يوم القيامة، ثم سمعهم يقولون: الله أكبر يا ثارات عثمان، فقال: اللهم أكب قتلة عثمان على وجوههم، وروى عبد الله بن شداد أن عليا بعث إلى الحرورية عبد الله بن عباس فواضعوه كتاب الله عز وجل ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف، فإن أبوا الرجوع وعظهم وخوفهم القتال، فإن أبوا وأمكن دفعهم بدون القتال بما هو أسهل لم يجز قتلهم؛ لأن المقصود دفعهم لا قتلهم.

مسألة ٥٨: (فإن آل ما دفعوا به إلى قتلهم فلا شيء على الدافع) من إثم ولا ضمان؛ لأنه فعل ما أمر به قتل من أحل الله قتله، وكذلك ما أتلفه أهل العدل على أهل البغي حال الحرب من مال لا يضمن؛ لأنهم إذا لم يضمنوا الأنفس فالأموال أولى.

مسألة ٥٩: (وإن قتل الدافع كان شهيدا) لأنه قتيل في حرب أمر بها وأثيب عليها فكان شهيدا كقتيل الكفار.

مسألة ٦٠: (ولا يتبع لهم مدبر ولا يجهز على جريح) لما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال يوم الجمل: لا يذفف على جريح ولا يهتك ستر ولا يفتح باب، ومن أغلق بابا ـ أو بابه ـ فهو آمن، ولا يتبع مدبر، وعنه أنه ودى قوما من بيت المال قتلوا مدبرين، وعن أبي أمامة قال: شهدت صفين فكانوا لا يجهزون على جريح ولا يطلبون موليا ولا يسلبون قتيلا، وعن عبد الله بن مسعود أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يا ابن أم عبد، ما حكم من بغى على أمتي؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: لا يتبع مدبرهم ولا يجاز على جريحهم

<<  <   >  >>