(٦٧) ومن جحد الله أو جعل له شريكا أو صاحبة أو ولدا أو كذب الله تعالى أو سبه أو كذب رسوله أو سبه أو جحد نبيا أو جحد كتاب الله أو شيئا منه أو جحد أحد أركان الإسلام أو أحل محرما ظهر الإجماع على تحريمه فقد ارتد
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
بالردة حكم الرجل؛ ولأن الارتداد قد يكون لشبهة ولا يزول في الحال فوجب أن ينظر في مدة يرتئي فيها، وأولى ذلك ثلاثة أيام؛ لأنها مدة قريبة، وينبغي أن يضيق عليه في مدة الاستتابة ويحبس لحديث عمر وتكرر دعايته لعله ينعطف قلبه ويراجع دينه، وإذا ثبت هذا فلا فرق بين الرجال والنساء في وجوب القتال بالارتداد، روي ذلك عن أبي بكر وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من بدل دينه فاقتلوه» ، وروى الدارقطني بإسناده «أن امرأة يقال لها: أم مروان ارتدت عن الإسلام فبلغ أمرها إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأمر بها أن تستتاب فإن تابت وإلا قتلت» ، ولأنها شخص بدل دين الحق بالباطل فتقتل كالرجل، وإذا ثبت هذا فإن الردة لا تصح إلا من عاقل، فأما من لا عقل له كالطفل الذي لا عقل له والمجنون فلا تصح ردتهما ولا حكم لكلامهما، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن المجنون إذا ارتد في حال جنونه أنه مسلم على ما كان قبل ذلك، ولو قتله قاتل عمدا كان عليه القود إذا طلب أولياؤه، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق» ، وأما القتل فإنه يكون بالسيف بالقياس على القتل في القصاص؛ لأنه أروح للمقتول.
مسألة ٦٧:(ومن جحد الله) سبحانه بعد إقراره به فقد ارتد؛ لأنه لم يعبد إلها، (وجعل له شريكا) فهو مشرك وليس بموحد، (وكذلك من جعل له ندا، ومن جعل لله ولدا فقد كذب على الله تعالى، ومن سبه) فقد استخف به، (ومن كذب رسوله أو سبه) فقد رد على الله تعالى ولم يوجب طاعته (ومن جحد نبيا) فقد كفر لقوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا}[النساء: ١٥٠]{أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا}[النساء: ١٥١] ، (وكذا من جحد كتاب الله أو شيئا منه فقد كفر) ؛ لأنه كذب الله تعالى ورد عليه، قال الله تعالى:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}[البقرة: ٢٨٥] ، (ومن جحد أحد أركان الإسلام