من المشركين قد علا رجلا من المسلمين فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته بالسيف على حبل عاتقه ضربة فأدركه الموت، ثم إن الناس رجعوا وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه، قال: فقمت إليه فقلت: من يشهد لي؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ما لك يا أبا قتادة؟ فقصصت عليه القصة، فقال رجل من القوم: صدق يا رسول الله فأرضه منه، فقال أبو بكر الصديق: لا ها الله، إذا تعمد إلى أسد من أسد الله فيقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صدق فأسلمه إليه، فأعطانيه» متفق عليه، وروى أنس: " أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال يوم حنين:«من قتل كافرا فله سلبه، فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم» رواه أبو داود.
مسألة ٣٠:(والسلب ما عليه من لباس وحلي وسلاح وفرسه بآلتها) وذلك لأن المفهوم من السلب اللباس، وكذلك السلاح، ولأنه يستعين به في حربه وقتاله فهو أولى بالأخذ من اللباس، وكذلك الدابة لأنه يستعين بها فهي كالسلاح وأبلغ منه ولذلك استحق بها زيادة السهمان، فأما الدراهم فليست من السلب؛ لأنها ليست من الملبوس ولا مما يستعان بها في الحرب، وكذلك رحله وأثاثه وما ليست يده عليه، وعن أبي عبد الله - رَحِمَهُ اللَّهُ - رواية أخرى أن الدابة أيضا ليست من السلب وهو اختيار الخلال وصاحبه أبي بكر، قال الخلال: إنما السلب ما كان على بدنه، والدابة ليست كذلك، وذكر أبو عبد الله حديث عمرو بن معدي كرب فأخذ سواريه ومنطقته، ودليل الأولى ما روى عوف ابن مالك قال:«خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة ورافقني مددي من أهل اليمن، فلقينا جموع الروم فيهم رجل على فرس أشقر عليه سرج مذهب وسلاح مذهب، فجعل الرومي يغري بالمسلمين، وقعد له المددي خلف صخرة فمر به الرومي فعرقب فرسه وخر، فعلاه فقتله، وحاز فرسه وسلاحه، فلما فتح الله للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد فأخذ منه السلب، قال عوف: فأتيته فقلت: يا خالد أما علمت أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى» رواه الأثرم، فإذا ثبت هذا فالدابة وما عليها من سرجها ولجامها