فصل:(٤٤) وما تركه الكفار فزعاً وهربوا لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب أو أخذ
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة ٤٣:(ولا يسهم لدابة غير الخيل) كالجمل والبغل والحمار، وعنه إذا غزا على بعير وهو لا يقدر على غيره أسهم له ولبعيره سهمان، وعنه يسهم للبعير سهم ولم يشترط عجز صاحبه عن غيره ولقوله سبحانه:{فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ}[الحشر: ٦] والركاب الإبل، ولأنه حيوان يجوز المسابقة عليه فيسهم له كالفرس، واختار أبو الخطاب أنه لا يسهم له وهو قول أكثرهم، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن من غزا على بعير فله سهم راجل؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يسهم لغير الخيل، وقد كان معه يوم بدر سبعون بعيراً، ولم تخل غزاة من غزواته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الأبعرة بل كانت غالب دوابهم، فلم ينقل أنه أسهم لها، ولو أسهم لها لنقل ذلك، ولأنه لا يتمكن صاحبه من الكر والفر فلم يسهم له كالبغل، فأما ما عدا هذا من البغال والحمير والفيلة فلا يسهم له بغير خلاف وإن عظم غناؤها وقامت مقام الخيل؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يسهم لها.
مسألة ٤٤:(وما تركه الكفار فزعاً وهربوا لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب أو أخذ منهم بغير قتال فهو فيء يصرف في مصالح المسلمين) والفيء هو الراجع للمسلمين من مال الكفار، يقال: فاء الفيء إذا رجع نحو المشرق، والإيجاف أصله التحريك، والمراد هاهنا الحركة في السير، قال قتادة:{فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ}[الحشر: ٦] ما قطعتم وادياً ولا سرتم إليها، إنما كانت حوائط بني النضير أطعمها الله رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيصرف ذلك في مصالح المسلمين. وروي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قرأ قَوْله تَعَالَى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}[التوبة: ٦٠]- حتى بلغ - {عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[التوبة: ٦٠] ثم قال: هذه لهؤلاء ثم قرأ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}[الأنفال: ٤١]- حتى بلغ - {وَابْنِ السَّبِيلِ}[الأنفال: ٤١] ثم قال: هذه لهؤلاء، ثم قرأ:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى}[الحشر: ٧]- حتى بلغ - {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}[الحشر: ١٠] ثم قال: هذه استوعبت المسلمين عامة، " ولئن عشت ليأتين الراعي وهو يسير نصيبه فيها لم يعرق فيها جبينه " واختلفت الرواية عن أحمد في الفيء هل يخمس أو لا؟ فروي عنه أنه يخمس اختارها الخرقي، وعنه لا يخمس وهو قول عامتهم؛ لأن الله