دان بالإنجيل، والمجوس إذا التزموا أداء الجزية وأحكام الملة
(٦١) ومتى طلبوا ذلك لزم إجابتهم وحرم قتالهم
(٦٢) وتؤخذ الجزية في رأس كل حول
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
من اليعقوبية والنسطورية والملكية والإفرنج والروم والأرمن وغيرهم ممن دان بالإنجيل وانتسب إلى عيسى، فجميعهم من أهل الإنجيل وإن اختلفت فروعهم، والصابئون قال أحمد: هم جنس من النصارى، وقال: بلغني أنهم يسبتون فهم من اليهود، وروي عن عمر أنهم يسبتون. وقال مجاهد: هم بين اليهود والنصارى، وأما من لهم شبهة كتاب كالمجوس، قال الشافعي: كان لهم كتاب فرفع، وقد أخذ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر وعمر منهم الجزية، وروى البخاري بإسناده عن بجالة قال:«ولم يكن عمر أخذ الجزية من مجوس حتى حدثه عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذ الجزية من المجوس هجر» . إذا ثبت هذا فإن أهل العلم من الحجاز والعراق والشام ومصر وغيرهم أجمعوا على أخذ الجزية من أهل الكتاب والمجوس مع ما فيه من الآثار الصحيحة، وعمل بها الخلفاء الراشدون، ثم جرت به السنة إلى يومنا هذا.
١ -
مسألة ٦٠:(وإنما تقبل منهم الجزية إذا كانوا مقيمين على ما عاهدوا عليه من بذل الجزية والتزام أحكام الملة، فإن نقضوا العهد بمخالفة شيء من ذلك صاروا حرباً لزوال عهدهم، ولم تؤخذ منهم جزية بعد ذلك. ولا يجوز عقد الذمة إلا بشرطين:
أحدهما: أن تجعل عليهم جزية في كل حول.
والثاني: أن يلتزموا أحكام الإسلام، لقوله سبحانه:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة: ٢٩] وإنما يحصل الصغار بذلك.
مسألة ٦١: (ومتى طلبوا ذلك لزم إجابتهم وحرم قتالهم) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}[التوبة: ٢٩] إلى قوله - {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة: ٢٩] فجعل إعطاء الجزية غاية لقتالهم، فمتى بذلوها لم يجز قتالهم. وقوله:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ}[التوبة: ٢٩] يعني حتى يلتزموا إعطاءها فلا يعتبر حقيقة الإعطاء كقوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ}[التوبة: ٥] معناه التزموا ذلك بالإجماع، كذا هاهنا.
مسألة ٦٢:(وتؤخذ الجزية في رأس كل حول) ؛ لأنه مال يتكرر بتكرر الحول فلا تجب إلا بأوله كالزكاة والدية.