أحكامه المختصة به للضرورة، وهي هاهنا معدومة، ويحتمل أن تقبل فيما طريقه الرؤية إذا فهمت إشارته؛ لأن إشارته بمنزلة نطقه كما في سائر أحكامه.
الرابع: الإسلام (فلا تقبل شهادة كافر) بحال لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢] وقال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢] والكافر ليس بعدل ولا مرضي ولا هو منا، إلا شهادة أهل الكتاب في الوصية في السفر إذا لم يكن غيرهم لقوله سبحانه:{شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ}[المائدة: ١٠٦] الآيات، وهذا نص، قد قضى به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه، قال أبو عبيد: قضى به ابن مسعود في زمن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
الخامس: أن يكون من أهل العدالة (فلا تقبل شهادة الفاسق) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢] ويعتبر في العدالة شيئان:
أحدهما: الصلاح في الدين وهو أداء الفرائض واجتناب المحارم بحيث لا يرتكب كبيرة ولا يدمن على صغيرة، ولأن الفاسق لا يؤمن منه شهادة الزور؛ لأن الله نص على الفاسق فقسنا عليه مرتكب الكبائر، وهي كل ما فيه حد أو وعيد، واعتبرنا في مرتكب الصغائر الأغلب فإذا كان الأغلب منه فعل الطاعات لم ترد شهادته، وإن كان الأغلب فعل الصغائر بحيث يصر عليها ردت شهادته؛ لأن الحكم للأغلب بدليل قَوْله تَعَالَى:{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف: ٨]{وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ}[الأعراف: ٩] الآية.
مسألة ١٨:(ولا تقبل شهادة مجهول الحال) ؛ لأن العدالة شرط، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢] وقال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢] وهذا غير مرضي، وهو غير معلوم العدالة فلا تقبل شهادته كالفاسق.
مسألة ١٩:(ولا تقبل شهادة من يجر إلى نفسه نفعاً) بشهادته كشهادة السيد لمكاتبه والوارث لموروثه، فإن المكاتب عبد لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم»(رواه أبو داود) فكأنه يشهد لنفسه؛ لأن مال عبده له.
مسألة ٢٠:(ولا تقبل شهادة من يدفع عن نفسه ضرراً) كشهادة العاقلة بجرح شهود الخطأ لأنهم يدفعون عن أنفسهم الدية فلا تقبل للتهمة في ذلك.