للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٢٩) ومن شهد بشهادة يتهم في بعضها ردت كلها

(٣١) ولا يسمع في الجرح

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

في الحمام أو غيره) والمصافع والمغني والرقاص؛ لأن ذلك سخف ودناءة، فإذا استحسن هذا ورضيه لنفسه فلا مروءة له ولا تحصل الثقة بقوله، وروى ابن مسعود قال: قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت» (رواه البخاري) أي: من لا يستحي صنع ما يشاء، فإن صنع شيئاً من ذلك متخفياً به لم يمنع قبول شهادته؛ لأن مروءته لا تسقط به.

مسألة ٢٩: (ومن شهد بشهادة يتهم في بعضها ردت كلها) كشهادة الشريك لشريكه والوارث لموروثه؛ لأنه يشهد لنفسه وشهادته لنفسه لا تصح كذا هاهنا.

مسألة ٣٠: (ولا يسمع في الجرح والتعديل والترجمة ونحوها إلا شهادة اثنين) وعنه تقبل من واحد وهو مذهب أبي حنيفة؛ لأنه خبر لا يعتبر فيه لفظ الشهادة فقبل من واحد كالرواية، ولنا أن الجرح والتعديل إثبات صفة من يبني الحاكم حكمه على صفته فاعتبر فيه العدد كالحضانة، وفارق الرواية لبنائها على المساهلة، ولا نسلم أنه لا يفتقر إلى لفظ الشهادة، ويعتبر في الجرح والتعديل اللفظ فيقول في التعديل: أشهد أنه عدل، ويكفي هذا وإن لم يقل علي ولا لي لقوله سبحانه: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] فإذا شهد أنه عدل ثبتت عدالته عليه وله، ودخل في عموم الآية. وأما الترجمة فحكمها كذلك فإذا تحاكم إلى القاضي أعجميان لا يعرف لسانهما فلا بد من مترجم عنهما، ولا يقبل إلا من اثنين عدلين، وعنه تقبل من واحد وهو اختيار أبي بكر عبد العزيز، وقال ابن المنذر في «حديث زيد بن ثابت: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمره أن يتعلم كتاب اليهود قال: فكنت أكتب له إذا كتب إليهم وأقرأ له إذا كتبوا إليه» ، ولأنه لا يفتقر إلى لفظ الشهادة أشبه أخبار الديانات، ولنا أنه نقل ما خفي على الحاكم إليه فيما يتعلق بالمتخاصمين فوجب فيه العدد كالشهادة، ويفارق أخبار الديانات لأنها لا تتعلق بالمتخاصمين. ولا نسلم أنه لا يعتبر لفظ الشهادة، ولأن ما لا يفهمه الحاكم وجوده عنده كغيبته، فإذا ترجم له كان كنقل الإقرار إليه من غير مجلسه، ولا يقبل ذلك إلا من شاهدين كذا هاهنا، فعلى هذا تكون الترجمة شهادة تفتقر إلى العدد والعدالة ويعتبر فيها من الشروط ما يعتبر في الشهادة على الإقرار بذلك

<<  <   >  >>