للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب الإقرار (٥٦) وإذا أقر المكلف الحر الرشيد الصحيح المختار بحق أخذ به

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

باب الإقرار مسألة ٥٥: الأصل في الإقرار قول الله سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} [آل عمران: ٨١] إلى قوله {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا} [آل عمران: ٨١] وقال سبحانه: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} [التوبة: ١٠٢] والاعتراف الإقرار، وقال تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢] وروي أن ماعزاً أقر بالزنا فرجمه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكذلك الغامدية، وقال: اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" وأجمعوا على صحة الإقرار، ولأن الإقرار إخبار على وجه تنتفي عنه التهمة والريبة، فإن العاقل لا يكذب على نفسه كذباً يضرها، ولهذا كان آكد من الشهادة، فإن المدعى عليه إذا اعترف لم تسمع عليه الشهادة وإنما تسمع إذا أنكر.

مسألة ٥٦: (وإذا أقر المكلف الرشيد الحر الصحيح المختار بحق أخذ به) فأما الصبي والمجنون فلا يصح إقرارهما لا نعلم فيه خلافاً، ولأنه لا قول لهما إلا أن يكون الصبي مأذوناً له في البيع والشراء فيصح إقراره في قدر ما أذن له فيه كالبيع؛ لأنه صار فيه كالبالغ؛ لأنه عاقل مختار أشبه البالغ، ولا يصح فيما زاد؛ لأنه فيه كمن لم يؤذن له أصلاً، وكذلك العبد المأذون له في التجارة لما ذكرنا.

مسألة ٥٧: ولا يصح إلا من (رشيد) ، فأما المحجور عليه لسفه إذا أقر بمال لم يلزمه في حال حجره؛ لأنه محجور عليه بحظ نفسه فلا يصح إقراره بالمال كالصبي، ولأنا لو قبلنا إقراره بالمال لبطل معنى الحجر، ولأنه أقر بما هو ممنوع من التصرف فيه أشبه إقرار الراهن على الرهن، فإن فك عنه الحجر لزمه ما أقر به؛ لأنه مكلف أقر بما لا يلزمه في الحال فلزمه بعد فك الحجر عنه كالعبد يقر بدين والراهن يقر على الرهن بجناية ونحوها.

مسألة ٥٨: ويعتبر في صحة الإقرار (الحرية) ، فإن أقر العبد غير المأذون له بمال لم

<<  <   >  >>