إلا أنّ ذكر طول البلد وعرضه قد يعلم منه المقصود، لكن أكثر ما ذكره يحتاج إلى تحقيق، وكذلك ذكر المنسوبين إلى الأماكن إنما موضعه الكتب الموضوعة في معرفة الرجال، واستقصاؤه غير ممكن، وذكر ذلك كلّه ووضعه في كتابه مما طال به الكتاب حتى جاء فى مجلّدات كثيرة أتعبت الناظر وأملّت الكاتب، وعسر بذلك تحصيله على الطالب.
وقد كتبت منه في كتابى هذا ما لا بدّ منه مما يحتاج إليه في معرفة الأسماء الواردة فى الأخبار والآثار وكتب المغازى والفتوح وغير ذلك بحيث يتمكّن القارئ لها من ضبط الأسماء «١» والتكلم فيها على الصواب، ويعلم جهاتها ومواقعها من أقطار الأرض معتمدا فيه على الكتاب المذكور، فقيّدت ما قيّده، وأهملت ما أهمله لعدم تمكّنى في الوقت من تحصيله، وربما زدته بيانا في بعض المواضع، أو أصلحت ما تنبّهت عليه فيه من خلل وجدته في ذكره لبعض الأماكن؛ إمّا لأنّه نقله عن غيره على ذلك الوجه وهو خطأ أو ظنّه كذلك، وقد عرفته أنا وحقّقته وسألت عنه أهل المعرفة من سكّانه ومجاوريه والمسافرين إلى جهته، وقد يكون مما رأيته في سفرى واجتزت به وخاصة في أعمال بغداد فإنه كثير الخطأ فيها ولم أقبل منه شرطه الذي شرطه، ولا التزمت حظره الذي حظره في اختصاره وتغييره؛ فإن ذلك شرط لا يلزم، ومظنّة الفائدة تقدّم، فجاء بحيث يتمكن الناظر من اطّلاعه، ولا تشقّ كتابته؛ رغبة في نشر العلم ومثابرة على تسهيل الفائدة وسميته، «مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع» .
ومن الله تعالى أسأل التوفيق لإتمامه وحسن المثوبة عليه، فإنه ولىّ ذلك.