للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأخبر تعالى أنه خلق السماوات والأرض بالحق، أي بالعدل والقسط، وأنه لم يخلق ذلك عبثًا ولا لعبًا (١)، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} (٢).

فالله - عز وجل - ما خلق السماوات والأرض عبثا، ولا لعبا من غير فائدة، بل خلقها بالحق وللحق الذي لا يصلح التدبير إلا به، ليستدل بها العباد على أنه الخالق العظيم، المدبر الحكيم، الرحمن الرحيم، الذي له الكمال كله، والحمد كله، والعزة كلها، الصادق في قيله، الصادقة رسله، فيما تخبر عنه، وأن القادر على خلقهما مع سعتهما وعظمهما، قادر على إعادة الأجساد بعد موتها، ليجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته (٣).

سادساً: التحدي بها إقامة للتوحيد ورداً للشرك، فهي حجة دامغة وبرهان ساطع كما أخبر الله تعالى في قصة مناظرة إبراهيم - عليه السلام - مع المشرك الجاحد بألوهية الله وربوبيته، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (٤).

قال ابن القيم - رحمه الله -: " فإن من تأمل موقع الحجاج وقطع المجادل فيما تضمنته هذه الآية وقف على أعظم برهان بأوجز عبارة، فإن إبراهيم - عليه السلام - لما أجاب المحاج له في الله بأنه الذي يحيي ويميت أخذ عدو الله معارضته


(١) انظر: تفسير ابن كثير: ٤/ ١٥٦.
(٢) ص: ٢٧.
(٣) انظر: تفسير الطبري: ٢٣/ ١٧٩، ، وتفسير البغوي: ٣/ ٧٠١، ٢٥/ ١٥٢، وتفسير ابن سعدي: ٣/ ١٠٥٩.
(٤) البقرة: ٢٥٨.

<<  <   >  >>