للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثالثاً: الإيمان القدر]

على المؤمن إذا علم بوجود الطاعون في بلده أن لا يخرج منها خوفا منه، فلا يدري فلربما يصاب به في بلدة أخرى، أو قد يصاب بغيره من الأمراض، فعليه أن يتوكل على الله تعالى، وأن يصبر محتسبا، وألا يخرج وليس ذلك من باب إلقاء اليد إلى التهلكة، بل ذلك من قبيل امتثال أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك إذا علم المسلم أن هناك بلدا بها مرضا خطيرا، فيجب عليه أن لا يقدم إليها فرارا من أن يصيبه، فإن تعمد وقدم وأصيب به، فهذا من قبيل إلقاء النفس إلى التهلكة والانتحار، لمخالفة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، عن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الطاعون رجس أرسل على طائفة من بني إسرائيل، أو على من كان قبلكم، فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه" (١)، فعلى المسلم أن يستسلم لقضاء ربه تبارك وتعالى، ويصبر متوكلاً على الله تعالى، في مقابلة هذا البلاء الخطير، والداء الكبير، وألا يجزع، لأن الأمر كله لله (٢).

وقد سألت عائشة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الطاعون؟ فقال عنه: "إنه عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثل أجر شهيد" (٣).

ولما أراد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - دخول الشام وعلم أن بها الطاعون، توقف فلم يدخلها، ثم دعا المهاجرين الأولين، فاستشارهم وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا، فقال بعضهم: قد خرجت لأمر ولا نرى أن


(١) صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب (٥٤): ٦٦٩، برقم (٣٤٧٣).
(٢) انظر: الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف الكويتية، ط ١: ٢٨/ ٣٣٠.
(٣) صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب (٥٤): ٦٦٩، برقم (٣٤٧٤).

<<  <   >  >>