للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الدلائل العقدية للآيات الكونية - الليل والنهار-]

من أعظم حكمة الرب وكمال قدرته ومشيئته خلق الضدين، إذ بذلك تعرف ربوبيته وقدرته وملكه، كالليل والنهار.

قال ابن القيم - رحمه الله - مبيناً شأن هذه الآيات الكونية: " فصل، ومن آياته سبحانه تعالى الليل والنهار، وهما من أعجب آياته، وبدائع مصنوعاته، ولهذا يعيد ذكرهما في القرآن ويبديه كقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ} (١)، وقوله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} (٢) وقوله - عز وجل -: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (٣) وقوله - عز وجل -: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} (٤)، وهذا كثير في القرآن فانظر إلى هاتين الآيتين وما تضمنتاه من العبر والدلالات على ربوبية الله وحكمته، كيف جعل الليل سكنا ولباسا، يغشى العالم فتسكن فيه الحركات وتأوى الحيوانات إلى بيوتها والطير إلى أوكارها، وتستجم فيه النفوس وتستريح من كد السعي والتعب، حتى إذا أخذت منه النفوس راحتها وسباتها وتطلعت إلى معايشها وتصرفها جاء فالق الإصباح سبحانه وتعالى بالنهار، يقدم جيشه بشير الصباح، فهزم تلك الظلمة ومزقها كل ممزق، وكشفها عن العالم فإذا هم مبصرون، فانتشر الحيوان وتصرف في معاشه ومصالحه، وخرجت الطيور من أوكارها، فياله


(١) فصلت: ٣٧.
(٢) الفرقان: ٤٧.
(٣) الأنبياء: ٣٣.
(٤) غافر: ٦١.

<<  <   >  >>