للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢ - التنزيه]

أخبر الله - عز وجل - عن هذه الآية الكونية العظيمة أنها تسبحه وتقدسه، فقال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (١).

وأن السماوات كادت تتفطر عند دعوة المشركين أنَّ لله ولداً، فقال تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} (٢) "أي يكاد يكون ذلك عند سماعهن هذه المقالة من فجرة بني آدم، إعظامًا للرب وإجلالا؛ لأنهن مخلوقات ومؤسسات على توحيده، وأنه لا إله إلا هو، وأنه لا شريك له، ولا نظير له ولا ولد له، ولا صاحبة له، ولا كفء له، بل هو الأحد الصمد" (٣).

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "إن الشرك فزعت منه السماوات والأرض والجبال، وجميع الخلائق إلا الثقلين، فكادت أن تزول منه لعظمة الله" (٤).

وقال تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٥). فمن خلق هذه السماوات وأوجدها على غير مثال سابق كيف يكون له ولد؟ ! (٦).

وفي رد الله على أهل الكتاب في زعمهم أن لله ولدا (٧) قال تعالى:


(١) الإسراء: ٤٤.
(٢) مريم: ٩٠ - ٩١
(٣) تفسير ابن كثير: ٥/ ٢٦٦.
(٤) تفسير الطبري: ١٦/ ١٥٠، وانظر: الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي، ت: عبد الله التركي، دار هجر، ط ١: ١٠/ ١٤٢.
(٥) الأنعام: ١٠١.
(٦) انظر: تفسير الطبري: ٧/ ٣٤٧، وتفسير القرطبي: ٧/ ٥٣.
(٧) انظر: تفسير الطبري: ٦/ ١٩٦، وتفسير ابن كثير: ٢/ ٣٦.

<<  <   >  >>