للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} (١).

[١ - التوكل]

جاء في الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي وأن ذلك لا ينافي التوكل، كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والبرد، وأن فعل هذه الأسباب التي جعلها الله أسباباً مما أمرت به الشريعة، وأن تركها يقدح في التوكل ويضعفه (٢).

وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المرض لا يعدي بنفسه، وأن مخالطة المريض لا تضر إلا بإذن الله - عز وجل - وأنه سبحانه هو المقدر لذلك فوجب فعل الأسباب بالابتعاد عن أسباب الشر، والتوكل على الله، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عدوى (٣)، فقام أعرابي فقال أرأيت الإبل تكون في الرمال أمثال الضباء، فيأتيها البعير الأجرب فتجرب. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فمن أعدى الأول" (٤).

والمرض يتعدى من محل إلى محل، ويتعدى من المريض إلى السليم، ويتعدى من الجربى إلى الصحيحة، هذا شيء موجود.

فبين الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أن مجرد مقاربة المريض أو القدوم على المحل الموبوء هذا سبب، أما التأثر فهو بيد الله سبحانه وتعالى، فقد يدخل الإنسان في الأرض الموبوءة ولا يصاب، وقد يورد الممرض على المصح ولا


(١) الشعراء: ٧٥ - ٨٢.
(٢) انظر: الفصل الرابع من هذا البحث: ١٦٢.
(٣) المراد بالعدوى: انتقال المرض من شخص إلى شخص، أو من بهيمة إلى بهيمة، أو من مكان إلى مكان. انظر: إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد: ٢/ ٨.
(٤) صحيح البخاري، كتاب الطب، باب لا عدوى: ١١٣٠ برقم (٥٧٧٥).

<<  <   >  >>