للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو مشاهد من بيض وحمر، وفي بعضها طرائق - وهي الجدد جمع جدة- مختلفة الألوان. وفيها غرابيب سود، أي شديدة السواد جدا؛ ليدل العباد على كمال قدرته وبديع حكمته.

وفي"تفاوتها دليل عقلي على مشيئة الله تعالى، التي خصصت ما خصصت منها، بلونه، ووصفه، وقدرة الله تعالى حيث أوجدها كذلك، وحكمته ورحمته، حيث كان ذلك الاختلاف، وذلك التفاوت، فيه من المصالح والمنافع، ومعرفة الطرق، ومعرفة الناس بعضهم بعضا، ما هو معلوم. وذلك أيضا، دليل على سعة علم الله تعالى" (١).

[ثامناً: منهج أهل السنة والجماعة في الاستدلال]

[ضرب الأمثال]

ضرب الله - عز وجل - مثالاً للقاسية قلوبهم - الذين نسوا الله- وانتفاء تأثرهم بقوارع القرآن بالجبل الجامد الذي لو أنزل عليه القرآن لخشع وتصدع من خشية الله، قال تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (٢).

أي"لو كان المخاطب بالقرآن جبلا، لتأثر بخطاب القرآن تأثرا ناشئا من خشية لله خشية تؤثرها فيه معاني القرآن" (٣).

وفي قوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} (٤)، قيل: أن الجبال"ضُربت مثلاً لأمر النبي


(١) تفسير السعدي: ٦٨٨.
(٢) الحشر: ٢١.
(٣) التحرير والتنوير: ٢٨/ ١١٦، وانظر: تفسير القرطبي: ١٨/ ٤٤.
(٤) إبراهيم: ٤٦.

<<  <   >  >>