للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالسجود الدلالة على الله.

وكذلك قيل في سجود النجوم، وأن سجودها سجود ظلها كما قال: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ} (١)، وقيل: أن سجوده طلوعه (٢).

والجواب أنه قد سبق في مبحث عبودية الكائنات (٣) أن هذه الآيات الكونية تسجد لله سجوداً حقيقياً الله أعلم بكيفيته، وأن هذا السجود من الأمور الغيبية التي يجب أن نصدق بها ونسلم، وأن كل شيء يسجد لله طوعا وكرها، وأن سجود كل شيء مما يختص به (٤)، كما قال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (٥).

[رابعاً: نسبة علم النجوم إلى إبراهيم - عليه السلام -]

من المخالفات العقدية المتعلقة بهذه الآية الكونية نسبة علم النجوم إلى إبراهيم - عليه السلام - استدلالاً بقوله تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} (٦)، وهذا من"الكذب والافتراء على خليل الرحمن - عليه السلام -؛ فإنه ليس في الآية أكثر من أنه نظر نظرة في النجوم، ثم قال لهم: إني سقيم، فمن ظن من هذا أن علم أحكام النجوم من علم الأنبياء، وأنهم كانوا يراعونه ويعانونه فقد كذب على الأنبياء، ونسبهم إلى ما لا يليق، وهو من جنس من نسبهم إلى


(١) النحل: ٤٨.
(٢) انظر: تفسير البغوي: ٤/ ٢٨٤، تفسير ابن كثير: ٧/ ٤٨٩.
(٣) انظر: ٦٥.
(٤) انظر: تفسير ابن كثير: ٥/ ٤٠٣، تفسير السعدي: ٨٢٨.
(٥) الإسراء: ٤٤.
(٦) الصافات: ٨٨ - ٨٩.

<<  <   >  >>