للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الوقوف على بعضه، وهو غافل عنه معرض عن التفكر فيه، ولو فكر في نفسه لزجره ما يعلم من عجائب خلقها عن كفره، قال الله تعالى: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} (١)، فلم يكرر سبحانه على أسماعنا وعقولنا ذكر هذا لنسمع لفظ النطفة والعلقة والمضغة والتراب، ولا لنتكلم بها فقط ولا لمجرد تعريفنا بذلك بل لأمر وراء ذلك كله، هو المقصود بالخطاب وإليه جرى ذلك الحديث" (٢).

وهو أن تظهر للعباد قدرة الرب في خلق المتضادات المتقابلات، وفي ذلك أدل الدلائل على كمال قدرة الله وعزته وسلطانه وملكه (٣).

[أولاً: وجود الله]

قد دلت هذه الآية الكونية على وجود الله، فإن خلقها ووجودها بعد العدم، وتسخيرها دليل قاطع على وجود الله - عز وجل -، وذلك لافتقار المخلوق إلى الخالق، واحتياج المحدَث إلى المحدِث (٤).

"وشواهد الحدوث والخلق والتسخير ظاهر عليها، فلا بد لهما من صانع، وهو الله لا إله إلا هو، خالق كل شيء وإلهه ومليكه" (٥).

وأخبر الله - عز وجل - عن محاجة إبراهيم - عليه السلام - للنمرود في وجود الله، وكان النمرود ينكر وجود الله - عز وجل -، وأن يكون ثم إله غيره، وأنه يحي ويميت،


(١) عبس: ١٧ - ٢٢.
(٢) مفتاح دار السعادة: ١/ ١٨٧ باختصار.
(٣) انظر: مدارج السالكينن: ٢/ ١٩٤.
(٤) انظر: مجموع الفتاوى: ١٦/ ٤٤٥، والأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد: ٢٠٩ - ٢٢٦.
(٥) تفسير ابن كثير: ٤/ ٤٨٢.

<<  <   >  >>