للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سابعاً: التنويع البديع في عرض الآيات الكونية لإقامة الحجة بها على الجاحدين، والإيضاح والتبيين؛ لأن تعدد أنواع الأدلة يزيد المقصود وضوحاً (١)، ويكون سبباً لهداية من أراد الله له الهداية (٢).

فالتنوع والتعدد في عرض الآيات الكونية ينتج عنه انتفاء الملل والسأم لتعدد وتنوع ما يذكر من الآيات الكونية، فمرة تتحدث الآيات عن الأفلاك والعوالم العلوية، ثم ما تلبث تتحدث عن الجبال والأرض والعوالم السفلية.

وتستحوذ على اهتمام الناس بمختلف مستوياتهم ومشاربهم، إذ الناس مختلفون فيما يستوقفهم ويسترعي انتباههم.

قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (٣)، وقال تعالى: {وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (٤).

ويستخدم في عرض الآيات الكونية أساليب مختلفة: فتارة تعرص مجملة، وتارة مفصلة، قال تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا} (٥). فقد جاء القرآن بالتوحيد، وسلك إلى تقرير هذه العقيدة وإيضاحها طرقاً شتى، وأساليب متنوعة، ووسائل متعددة {لِيَذَّكَّرُوا} فالتوحيد لا يحتاج إلى أكثر من التذكر والرجوع إلى الفطرة ومنطقها (٦)، وإلى الآيات الكونية ودلالتها؛ ولكن الكفار يزيدون نفوراً كلما سمعوا هذا القرآن.

ويستخدم كذلك مفهوم المقابلة بين هذه الآيات الكونية"بذكر الشيء مع


(١) تفسير التحرير والتنوير: ٢٦/ ٥٤.
(٢) انظر: التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب للرازي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١: ١٣/ ٢٠.
(٣) الأنعام: ١٠٥.
(٤) الأحقاف: ٢٧.
(٥) الإسراء: ٤١.
(٦) انظر: رسالة في قنوت الأشياء كلها لله تعالى: ١/ ١١ - ١٢.

<<  <   >  >>