للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك الاستدلال بخلقها وملكها على وجوب إفراد الله بالعبادة كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (١).

قال ابن كثير - رحمه الله - في بيان مضمون هذه الآية - بعد أن ذكر ما في هذه الآية من أن الله هو المنعم على عبيده بخلقهم وإسباغه عليهم النعم-: " ومضمونه أنه الخالق الرازق مالك الدار وساكنيها ورازقهم، فبهذا يستحق أن يعبد وحده ولا يُشْرَك به غَيره؛ ولهذا قال: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} " (٢).

وقد وصف الله سبحانه القرآن بأنه هدى ورحمة وبيان ورشاد للخلق جميعاً وفي الحق؛ ولذا يجب أن يُقتصر بتلك الآيات فهماً واستنباطاً على ما يحقق الغاية التي سيقت لها، فهذا الغرض والمقصد هو الهدف الأصيل لسياقها، وكل ما تحقق مع هذا الهدف فهو تبع له دائر في فلكه، لا يجوز أن يجنح بنا النظر والاستنباط عن هذه الدائرة (٣).

ثانياً: الاعتبار والانتفاع بها.

يبين الله تعالى أن سياق هذه الآيات الكونية وذكرها إنما هو للعظة والاعتبار، قال تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} (٤)، أي يفهموا ما خلقوا من أجله، ويفقهوا الحقائق الشرعية، والمطالب الإلهية،


(١) البقرة: ٢١ - ٢٢.
(٢) تفسير ابن كثير: ١/ ٦٠، وانظر: تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القران: ٢٨.
(٣) سمات الآيات الكونية في القرآن الكريم: ٦.
(٤) الأنعام: ٦٥.

<<  <   >  >>