للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحادي عشر: أصول المناظرة]

من أصول المناظرة عند أهل السنة المخاطبة بالدليل والمقدمات التي لا يمكن أن يجحدها الخصم (١)، وإلزام المدعي بطرد حجته إن كانت صحيحة (٢)، فإبراهيم - عليه السلام - لما ذكر الدليل الأول على وجود الله وإلهيته، وأن الله هو الذي يحي ويميت، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} (٣)، وهذا الدليل" الذي استدل به إبراهيم قد تمَّ وثبت موجبه، فلما ادعى الكافر أنه يفعل كما يفعل الله فيكون إلها مع الله، طالبه إبراهيم بموجب دعواه مطالبة تتضمن بطلانها" (٤): {قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (٥).

"فقال: إن كنت أنت ربا كما تزعم، فتحيي وتميت كما يحيي ربي ويميت، فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فتنصاع لقدرته وتسخيره ومشيئته، فإن كنت أنت ربا فات بها من المغرب" (٦)، فعند ذلك بهت الذي كفر، والله لا يهدي القوم الظالمين.


(١) معارج الوصول لشيخ الإسلام ابن تيمية ضمن مجموع الفتاوى: ١٩/ ١٦٤.
(٢) الصواعق المرسلة: ٢/ ٤٩١.
(٣) البقرة: ٢٥٨.
(٤) مفتاح دار السعادة: ٢/ ٢٨٤، وانظر: الصواعق المرسلة: ٢/ ٤٩٠.
(٥) البقرة: ٢٥٨.
(٦) المرجع السابق: ٢/ ٢٨٤.

<<  <   >  >>