للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر الله - عز وجل - من الأدلة على تفرده بالإلهية تفرده بخلق السماوات (١)، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٢).

وفي الاستفهام التقريري الذي يعترف به المشركون وغيرهم يبين تعالى أنه المنفرد بالخلق فيقول: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} (٣) أي أإله مع الله يعبد. فكيف تعبدون معه غيره وهو المستقل المتفرد بالخلق والتدبير؟ كما قال تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (٤).

والأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- يحتجون على أقوامهم بخلق السماوات والأرض على وجوب إفراد الله - عز وجل - بالعبادة دون من سواه، قال تعالى مخبرا عن نوح - عليه السلام - في دعوته قوهم: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} (٥) منبهاً لهم على قدرة الله وعظمته في خلق السماوات والأرض، فهو الذي يجب أن يعبد وحده ولا يشرك به أحد (٦).

وفي محاجة إبراهيم - عليه السلام - لقومه استدل عليهم بربوبية الله الخالق للسماوات وغيرها على وجوب إفراده بالعبادة (٧)، فقال: {بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ


(١) تفسير القرطبي: ٢/ ١٩١ - ١٩٢.
(٢) البقرة: ٢١ - ٢٢.
(٣) النمل: ٦٠
(٤) النحل: ١٧.
(٥) نوح: ١٥.
(٦) انظر: تفسير ابن سعدي: ٨٨٩.
(٧) انظر: تفسير الطبري: ١٧/ ٤٧، وتفسير القرطبي: ١١/ ٢٩٦.

<<  <   >  >>