للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا القول لا شيء يدفعه، والعبرة به أتم والقدرة فيه أظهر (١).

كما أن الله - عز وجل - خاطبهما خطاب من يعقل، وذكر جوابهما، وكان الجواب لجمع العقلاء فقال: {طَائِعِينَ}، ولم يقل طائعتين على اللفظ، ولا طائعات على المعنى، لأنهما سماوات وأرضون، لأنه أخبر عنهما وعمن فيهما، ولما وصفهن بالقول والإجابة وذلك من صفات من يعقل أجراهما في الكناية مجرى من يعقل (٢).

أما الإتيان فإن معناه عندهم غير مراد" لأن السماء والأرض لا يتصور أن يأتيا، ولا يتصور منهما طواعية أو كراهية إذ ليستا من أهل العقول والإدراكات، ولا يتصور أن الله يكرههما على ذلك لأنه يقتضي خروجهما عن قدرته" (٣).

وفيه قولان:

"أحدهما: أنه قال ذلك قبل خلقها، ويكون معنى ائتيا أي كونا فكانتا، كما قال تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (٤).

الثاني: قول الجمهور أنه قال ذلك لهما بعد خلقهما.

فعلى هذا يكون في معناها أربع تأويلات:

أحدها: معناه أعطيا الطاعة في السير المقدر لكما طوعاً أو كرهاً أي اختياراً أو إجباراً.


(١) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز: ٧/ ٤٦٨.
(٢) تفسير القرطبي: ١٥/ ٣٤٤، وانظر: شرح الأربعين النووية لابن عثيمين، دار الثريا، الرياض، ط ١: ٥١.
(٣) التحرير والتنوير: ٢٤/ ٢٤٦ - ٢٤٧.
(٤) النحل: ٤٠.

<<  <   >  >>