للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالعبادة (١)، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} (٢).

فالمشركون - الذين يعبدون مع الله غيره - معترفون أنه المستقل بخلق السماوات والأرض والشمس والقمر"فإذا كان الأمر كذلك فلم يُعبد غيره؟ ولم يتوكل على غيره؟ فكما أنه الواحد في ملكه فليكن الواحد في عبادته، وكثيرًا ما يقرر تعالى مقام الإلهية بالاعتراف بتوحيد الربوبية" (٣).

والإيمان بأن الله هو الخالق المالك المتصرف، والتفكر في ملكوته - ومنه الشمس- يستلزم وجوب إفراد الله بالعبادة، كما أخبر الله - عز وجل - عن إبراهيم - عليه السلام - في مناظرته لقومه: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} (٤)؛ لأن التأمل والتفكر في ملكوت السماوات والأرض وتصريفهما وغير ذلك مما أخبر الله عنه"يدل على وحدانية الله في ملكه وخلقه، وأنه لا إله غيره ولا رب سواه" (٥).

وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٩) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (٦)، فالله - عز وجل - يظهر هذه الآيات ليستدل بها على أنه الحق، وأن كل ما


(١) انظر: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن لمحمد الأمين الشنقيطي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط عام ١٤١٥: ٦/ ٦٧٣.
(٢) العنكبوت: ٦١.
(٣) تفسير ابن كثير: ٦/ ٢٩٤، وانظر: تفسير القرطبي: ١٣/ ٣٦١.
(٤) الأنعام: ٧٥.
(٥) تفسير ابن كثير: ٣/ ٢٩٠، وانظر: تفسير السعدي: ٢٦٢.
(٦) لقمان: ٢٩ - ٣٠.

<<  <   >  >>