للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضعفه، والماء يغسل الخبث ويطفئ النار، فإن كان باردا أورث الجسم صلابة وقوة، فإن كان معه ثلج وبرد كان أقوى في التبريد وصلابة الجسم وشدته فكان أذهب لأثر الخطايا" (١).

وكذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو للميت بذلك، فعن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول: "اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر - أو من عذاب النار -، قال: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت" (٢).

فجعل" الخطايا بمنزلة نار جهنم لأنها مستوجبة لها بحسب وعد الشارع، قال تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} (٣)، فعبر عن إطفاء حرارتها بالغسل تأكيدا في الإطفاء وبالغ فيه باستعمال المبردات ترقيا عن الماء إلى أبرد منه وهو الثلج، ثم إلى أبرد من الثلج وهو البرد بدليل جموده؛ لأن ما هو أبرد فهو أجمد" (٤).


(١) المستدرك على مجموع فتاوى ابن تيمية، جمع محمد بن عبد الرحمن بن قاسم، ط ١: ١/ ٢١٨.
(٢) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب الدعاء للميت في الصلاة: ٢/ ٦٦٢ برقم (٩٦٣).
(٣) الجن: ٢٣.
(٤) عمدة القاري شرح صحيح البخاري: ٥/ ٢٩٤، وانظر: فتح الباري: ٢/ ٢٣٠.

<<  <   >  >>