للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالربوبية؛ فإن الإقرار بتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، ومن ذلك الاستدلال على المشركين الذين يقرون بأن الله - عز وجل - هو الخالق المتصرف في الكون على إفراد الله بتوحيد العبادة، والإخلاص في جميع الأحوال.

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (١).

فالمشركون يتركون ما كانوا يعبدون من دون الله لعلمهم أنهم ضعفاء عاجزون عن كشف الضر، ويصرخون بدعوة فاطر الأرض والسماوات -الذي تستغيث به في شدائدها جميع المخلوقات- وأخلصوا له الدعاء والتضرع في هذه الحال (٢)، فإذا كان الله - عز وجل - هو الذي يفعل ذلك وحده، وهو الذي يخلصهم من شر هذه الريح؛ فهو الذي يستحق أن يعبد وحده لا شريك له، وأن تجعل جميع العبادات له وحده، وأن غيره مما عبد من دون الله فألوهيته باطلة (٣).

ولذلك يشرع للمسلم إذا عصفت الريح أن يقول ما حدثت به عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا عصفت الريح قال: "اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به" (٤).


(١) يونس: ٢٢.
(٢) تفسير السعدي: ٤٦٣.
(٣) انظر: تفسير القرطبي: ٨/ ٣٢٥، وتفسير السعدي: ٤١٤، ٤٦٣.
(٤) صحيح مسلم، كتاب صلاة الاستسقاء، باب التعوذ عند رؤية الريح والغيم والفرح بالمطر: ٢/ ٦١٦ برقم (٨٩٩).

<<  <   >  >>