للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (١).

فمثل الله - عز وجل - " حالة إنزال القرآن واهتداء المؤمنين به والوعد بنماء ذلك الاهتداء، بحالة إنزال المطر ونبات الزرع به واكتماله. وهذا التمثيل قابل لتجزئة أجزائه على أجزاء الحالة المشبه بها:

فإنزال الماء من السماء تشبيه لإنزال القرآن لإحياء القلوب، وإسلاك الماء ينابيع في الأرض تشبيه لتبليغ القرآن للناس، وإخراج الزرع المختلف الألوان تشبيه لحال اختلاف الناس من طيب وغيره، ونافع وضار، وهياج الزرع تشبيه لتكاثر المؤمنين بين المشركين.

وأما قوله تعالى: ثم يجعله حطاما فهو إدماج للتذكير بحالة الممات واستواء الناس فيها من نافع وضار. وفي تعقيب هذا بقوله: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} إلى قوله: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (٢)، إشارة إلى العبرة من هذا التمثيل" (٣).

وفي معناه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلِم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به" (٤).


(١) الزمر: ٢١.
(٢) الزمر: ٢٢ - ٢٣.
(٣) التحرير والتنوير: ٢٣/ ٢٧٦.
(٤) صحيح البخاري، كتاب العلم، باب فضل من علِم وعلَّم: ٤١، برقم (٧٩).

<<  <   >  >>