للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن فوائد المرض: انتظار المريض للفرج، الأمر الذي يجعل العبد يتعلق قلبه بالله وحده، وخصوصاً إذا يئس المريض من الشفاء من جهة المخلوقين وحصل له الإياس منهم وتعلق قلبه بالله وحده، وهو من أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج.

ومن فوائد المرض: أنه علامة على إرادة الله بصاحبه الخير، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من يرد الله به خيراً يصب منه " (١).

ومن فوائد المرض: أن الله يستخرج به الشكر، فإن العبد إذا ابتلي بعد الصحة بالمرض، وبعد القرب بالبعد، اشتاقت نفسه إلى العافية، وبالتالي تتعرض إلى نفحات الله بالدعاء، فإنه لا يرد القدر إلا الدعاء، بل ينبغي له أن يتوسل إلى الله ولا يتجلد تجلد الجاهل؛ فإن الله أمر العبد أن يسأله تكرماً، وهو يغضب إذا لم تسأله، فإذا منح الله العبد العافية وردها عليه عرف قدر تلك النعمة؛ فلهج بشكره شكر من عرف المرض وباشر وذاق آلامه لا شكر من عرف وصفه ولم يقاس ألمه، فإذا نقله ربه من ضيق المرض والفقر والخوف إلى سعة الأمن والعافية والغنى فإنه يزداد سروره وشكره ومحبته لربه بحسب معرفته وبما كان فيه.

ومن فوائد المرض: معرفة العبد ذله وحاجته وفقره إلى الله، فأهل السماوات والأرض محتاجون إليه سبحانه، فهم فقراء إليه وهو غني عنهم، ولولا أن سُلط على العبد هذه الأمراض لنسي نفسه، فجعله ربه يمرض ويحتاج، لتظهر بذلك عبوديته لربه، وفي الأمراض من الحِكم والأسرار ما لا يعمله إلا الله تعالى.


(١) صحيح البخاري، كتاب المرض، باب ما جاء في كفارة المرض: ١١٠٩ برقم (٥٦٤).

<<  <   >  >>