للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأقسم الله سبحانه بهاتين الآتين - الضحى والليل- وهذا دليل على قدرة خالقها، وربط بين آيات الكون وبين التأكيد على أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - لم يدْعه ربه، ولم يجفوه، بل بين أنه ربه (١)، وفي هذا تثبيت له.

وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} (٢).

قال ابن سعدي - رحمه الله -: " يقول تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ} أي شك واشتباه، وعدم علم بوقوعه، مع أن الواجب عليكم أن تصدقوا ربكم، وتصدقوا رسله في ذلك، ولكن إذا أبيتم إلا الريب، فهاكم دليلين عقليين تشاهدونهما، كل واحد منهما، يدل دلالة قطعية على ما شككتم فيه، ويزيل عن قلوبكم الريب.

أحدهما: الاستدلال بابتداء خلق الإنسان، وأن الذي ابتدأه سيعيده (٣).

والدليل الثاني: إحياء الأرض بعد موتها" (٤)، "وأن الذي أحياها سيحي الموتى، كما أنه قد قرر ذلك بقدرته على ما هو أكبر من ذلك، وهو خلق السماوات والأرض، والمخلوقات العظيمة، فمتى أثبت المنكرون ذلك - ولن يقدروا على إنكاره - فلأي شيء يستبعدون إحياء الموتى؟ " (٥).


(١) تفسير ابن كثير: ٤/ ٥٥٨.
(٢) الحج: ٥.
(٣) انظر: تفسير القرطبي: ١٢/ ٦.
(٤) تفسير ابن سعدي: ٣/ ١٠٩٠ - ١٠٩١ باختصار.
(٥) القواعد الحسان المتعلقة بتفسير القرآن لعبد الرحمن بن سعدي، اعتنى به خالد بن عثمان السبت، دار ابن الجوزي، الدمام، ط ١: ٣٠.

<<  <   >  >>