للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال: "من هنا كان تفسير القسم القرآني بـ {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} بأن الله

-تعالى- يمن علينا- وهو صاحب الفضل والمنة- بأنه ملأ منخفضات الأرض بماء البحار والمحيطات , وحجز هذا الماء عن مزيد من الطغيان على اليابسة منذ خلق الإنسان , وذلك بحبس كميات من هذا الماء في هيئات مُتعدِّدة أهمها ذلك السُمْك الهائل من الجليد المُتجمِّع فوق قطبي الأرض وعلى قمم الجبال , والذي يصل إلى أربعة كيلو مترات في قطب الأرض الجنوبي , وإلى ثلاثة آلاف وثمانمائة من الأمتار في القطب الشمالي , ولولا ذلك لغطى ماء الأرض أغلب سطحها , ولما بقيت مساحة كافية من اليابسة للحياة بمختلف أشكالها الإنسانية , والحيوانية , والنباتية , وهي إحدى آيات الله البالغة في الأرض , وفي إعدادها لكي تكون صالحة للعمران ".

وقد ذكر عن الحمم التي في النار أن العلم أثبت"سنة ١٩٦٢ أن قاع البحر يتسع من منتصفه، واتساع البحر صفة تلازم بحار العالم اليوم، وأحدث محيط وهو البحر الأحمر الذي يسمى المحيط الوليد (Baby Ocean) يتسع قاعه منذ نشأته باستمرار، ويبلغ معدل اتساعه السنوي حاليا ٤ ـ ٦ سم.

والمعروف بالمشاهدة أن الحمم تصعد، من تحت البحر، من عند الأماكن التي يتسع فيها البحر، وتبرد وتكون قاع البحار. ومن المؤكد أن تحت البحر ناراً، ومن المعلوم لدى علماء الجيولوجيا والبحار أن البحر الأحمر لم يكن له وجود في الزمن الماضي، وكانت أرض العرب وأرض أفريقية قطعة واحدة تشكل يابسة تسمى الأرض العربية النوبية, ثم خسفت الأرض عبر الخط الذي يمتد بمحاذاة منتصف البحر الأحمر الحالي. ومدت الأرض من هذا الموضع، وتصدعت وأخذ الخسف يكبر شيئا فشيئاً، وصاحبه هبوط الأرض، واتصل جوفها بسطحها، وصعدت الحمم من باطن الأرض، وبردت الحمم لتكون أول جزء من قاع البحر، وكانت تلك اللحظة

<<  <   >  >>