بحار متعددة المسلك، وجبال شاهقة المصعد، وأودية «١٦» لا يمكن فيها المنحدر، ومفاوز يتعذر فيها وجود ما يشرب، وما جاء «١٧» من هذه الاسباب ما يقطع.
فأما قسمة ما هو عامر من الارض بالاقسام المسماة الاقاليم، فأنهم جعلوها سبعة وبدوا قسمتها من خط الاستواء، وهو مبتدأ الجنوب حيث تكون أرض الحبشة، والهند الى غاية العمارة في الشمال، على حسب ما بيناه فيما تقدم. وفرضوا الاقاليم وأخذوا في الطول من المشرق الى المغرب، وجعلوا الاقاليم على التوالي واحدا بعد واحد، الى حيث تكون ساعات نهار الصيف «١٨» فيه عشرون ساعة، والليل أربع ساعات.
والاول من الاقاليم وحده من المغرب الجزائر التي في البحر الاخضر، وناحية الاندلس الى أقصى عمارات الصين، ومسافة ما بين هذين الموضعين اثنا عشر ألف ميل، وطول ذلك من الزمان اثنتا عشرة ساعة، أما يوم أو ليلة لان الشمس اذا غابت في هذه الجزائر طلعت بالصين وعرض الاقاليم الاول من تحت معدل النهار الى مقدار ما يبعد عنه بعشرين درجة وثلاث عشرة دقيقة. وأطول نهار وسطه ثلاث عشرة ساعة يزيد على الاستواء ساعة ويسمى هذا الاقليم الاول مرايس «١٩» وهي مدينة الحبشة.
وأما الاقليم الثاني من حد الاقليم الاول في العرض وهو عشرون درجة وثلاث عشرة دقيقة الى سبع وعشرين درجة واثنى عشر دقيقة وأطول النهار في وسطه ثلاثة عشرة ساعة ونصف يزيد على الاستواء ساعة،