[الباب الحادي عشر في أسباب بين الملك وبين الناس اذا تحفظ منها زادت محاسنه وانصرفت المعايب عنه وتمكنت له سياسته]
من ذلك لا يؤثر المدح بل يكرهه ولا يتقبله بل يسىء متلقيه به ويزجره. فان الملك اذا وجد منه مثل ذلك الحال عاتبه وتوجهت المذام عليها وجعلها أهل الجهالات وعىّ الالسن طريقا الى خديعته وتسقطه وقابل المدح مع هذا قريب من مادح نفسه فان كان في صيغة الملك حب المدح، فليعلم ان كراهته له مجلبة لمدحه واستدعاءه أياه مدعاة الى ذمة فليجتنب ما هو سبب الى المدح، وليتجنب ما هو داعية الى الذم ومنه التوقي من أن يعن له فكر غير محمود في ان مشاورته في الامر اذا شاور فيه افتقار منه الى رأى غيره أو يأنف في بعض الاحايين من المشاورة فيما يعروه ويعرض له وليعلم عند ذلك انه ليس يريد الرأي ليتحدث به عنه بل انما يريده للانتفاع بثمرته ولو انه كان يقصد بالمشورة ان يتحدث بها عنه لكان من الجميل أن يقال لا ينفرد برأيه بل يشارك ذوي الحجى والفضل فيه ويرجع الى أهل الرأي فيما ينوبه منه وكل ذلك مع جماله وبهائه «١» ما ينخب به قلوب أعدائه ويخوفهم بلوغ كيده وشديد مكره.