فأما البجة: فان المتوكل على الله كان أمر بتوجيه رجل يقال له، محمد بن عبد الله القمي واليا على المعدن بمصر، وولى أيضا القلزم، وطريق الحجاز وبذرقة، حاج مصر، فلما وافى المعدن حمل الميرة في المراكب الى بلاد البجة، ووافى ساحلا يعرف بعيذاب، فوافته المراكب هناك، فاستعان بتلك الميرة حتى وصل الى قلعة ملك البجة، وناهضه في عدة يسيرة وخرج اليه البجوي في الدهم على أبل محزمة، فعمد القمي الى الاجراس فقلدها الخيل، فلما سمعت الابل أصواتها تقطعت بالبجويين في الاودية، والجبال وقتل صاحب البجة، فقام بعده ابن أخيه، وطلب الهدنة، فأبى المتوكل ذلك الا أن يطأ بساطه، فقدم سر من رأى وصولح في سنة احدى واربعين ومائتين، على اداء الاتاوة، والبقط، ورد مع القمي «٤١٥» . فأهل البجة على العهد يؤدون ما فورقوا عليه، ولا يمنعون المسلمين العمل في معدن الذهب. وكان ذلك في الشرط عليهم.
[فتوح السواد]
كان المثنى بن حارثة بن سلمة بن ضمضم «٤١٦» الشيباني يغير على أكناف السواد في رجال من قومه، أيام الفرس فأتى أبا بكر الصديق فقال:
يا خليفة رسول الله استعملن على من أسلم من قومي أقاتل هذه الاعاجم من فارس فكتب «٤١٧» أبو بكر بذلك عهدا، وسار حتى نزل خفان ودعا قومه الى الاسلام، فأسلموا. ثم ان أبا بكر وجه خالد بن الوليد الى العراق وكتب الى المثنى بن حارثة بالسمع والطاعة له. ثم كتب عمر بن الخطاب بعد ذلك اليه مثل ما كان أبو بكر كتب به، وقد كان مذعور بن عدي العجلي كتب الى أبي بكر في قومه بمثل ما كان المثنى كتب به في قومه، فكتب