قال الواقدي، وغيره: غزا معاوية في البحر غزوة قبرص الاولى ولم يركب المسلمون بحر الروم قبلها، وقد كان معاوية استأذن عمر في غزو البحر فلم يأذن له، فلما ولي عثمان كتب اليه يستأذنه في غزو قبرص ويعلمه قربها وسهولة الامر فيها فكتب اليه، قد شهدت مارد عليك عمر حين استأذنته في غزو البحر، فلما دخلت سنة سبع عشرة كتب اليه يهون عليه ركوب البحر الى قبرص، فكتب اليه عثمان: فأن أردت ان أذن لك فليكن معك امرأتك والا فلا. فركب البحر من عكا ومعه مراكب كثيرة وحمل امرأته (فاختة بنت قرظة)«٢٥٤» ، وحمل عبادة بن الصامت الانصاري معه أيضا امرأته أم حرام بنت ملحان الانصارية وذلك في سنة ثمان وعشرين، فلما صار المسلمون الى قبرص فأرقوا الى ساحلها بعث اليهم صاحبها يطلب الصلح واذعن أهلها فصالحهم معاوية على سبعة آلاف ومائتي دينارا يؤدونها في كل سنة وفارقهم الروم على مثل ذلك، واشترط المسلمون عليهم مع اداء الاتاوة، النصيحة وانذار المسلمين بسير الروم اليهم، وقد كانوا نقضوا الشرائط المشترطة عليهم حتى حوربوا مرات، أولهن في سنة ثلاث وثلاثون. وبعض الرواة يقول: في سنة خمس وثلاثين، ثم أحدثوا في ولاية عبد الملك بن صالح على الثغور الشامية حوادث أراد بها نقض صلحهم فاستفتى جماعة من الفقهاء، فأفتى أكثرهم بالابقاء عليهم. ثم آخر ما ظهروا من مخالفة ما شورطوا عليه في سنة احدى وثلثمائة فغزاهم المسلمون المتولي كان للبحر بالثغور الشامية وثغور ميانة وسبوا حتى عادوا الى النجوع بأمرهم الاول، فكف عنهم وجرى أمرهم بعد ذلك الى هذا الوقت على صلحهم القديم.