قد قال بعض الناس في العرب ان رسول الله صلى الله عليه قال: لا يقبل منهم الا الاسلام أو السيف «١» . وظن ان ذلك شامل لجميع العرب بسبب النسب وانما ذلك فيمن كان منهم يعبد الاوثان خاصة.
فأما أهل الكتاب من العرب فقد أمر النبي عليه السلام بقبول الجزية من أهل اليمن وأكثرهم عرب. وقبلها عليه السلام «٢» من أهل نجران وهم من بني الحارث من كعب لانهم نصارى من أهل الكتاب. وقبلها أبو بكر من أهل الحيرة «٣» حين افتتحها خالد بن الوليد في خلافته صلحا وهم أخلاط من افناء العرب من تميم وطي وغسان وتنوخ وغيرهم، اذ كانوا نصارى أيضا. وأما نصارى بني تغلب فأنهم لما طولبوا في خلافة عمر بن الخطاب بالجزية تفرقوا في البلاد وعبروا الفرات للحاق بالروم فقيل لعمر انهم عرب وأصحاب حروث ومواش ولهم نكاية في العدو فلا تعزبهم عدوك فصالحهم على أن يكون عليهم الصدقة مضعفة من كل عشرين درهما درهم ويعفوا من الجزية على الا يصبغوا أولادهم- أي لا ينصرونهم- وهو مأخوذ من صبغ الثوب يغمس في الصبغ أي لا يغمسونهم في الكفر. وقال أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب، رضوان الله عليه في خلافته، لئن تفرغت لبني تغلب ليكونن لي فيهم رأي، لا قتلن مقاتليهم ولاسبين ذريتهم فقد نقضوا العهد، وبرئت منهم الذمة حين نصروا أولادهم.