كانت عيون الطف مثل عين الصيد، والقطقطانة، والرهيمة، وعين جمل وذواتها للموكلين المسالح التي وراء خندق سابور «٤٩٣» ، الذي حفره بينه وبين العرب. وذلك ان سابور أقطعهم أرضيها فاعتملوها من غير أن يلزمهم خراجا لها، فلما كان يوم ذي قار، وبه «٤٩٤» نصر الله العرب بنبيه عليه السلام، غلبت العرب على طائفة من تلك العيون، وبقى في أيدي الاعاجم بعضها، ثم لما قدم المسلمون الحيرة هربت الاعاجم بعد ان طمت عامة ما كان في أيديها من تلك العيون، وبقى الذي في أيدي العرب فاسلموا عليه وصار ما عمروه من الارضين بمائه عشريا. ولما انقضى أمر القادسية، والمدائن دفع ما جلا عنه أهله من أرض تلك العيون الى المسلمين وأقطعوه فصار ذلك عشريا أيضا، وكان مجرى عيون الطف وأراضيها، مجرى أعراض المدينة، وقرى نجد، وكانت صدقتها الى عمال المدينة. فلما ولى أسحق بن «٤٩٥» ابراهيم بن مصعب [السواد]«٤٩٦» للمتوكل ضمها الى ما في يده فتولى عماله عشرها وصيرها سوادية فهي على ذلك الى اليوم. وقد استخرجت بعد ذلك عيون اسلامية، فجرى ما عمر بها من الارضين هذا المجرى أيضا. وكانت عين الرحبة مما طم قديما فرأها رجل من حجاج أهل كرمان وهي تبض فلما انصرف من حجه أتى عيسى بن موسى منتصحا، ودله عليها فاستقطعها موسى وأراضيها، واستخرجها له الكرماني واعتمل ما عليها من الارضين، وغرس النخل الذي في طريق العذيب، وعلى فرسخ من هيت عيون تدعى العرق تجرى هذا المجرى وأعشارها الى عامل هيت