وأذعنوا بالخراج والجزية واستتم أمر حمص. وأتى عبادة بن الصامت [الانصاري] اللاذقية، فقاتله أهلها فكادهم عبادة حتى دخل باب المدينة، وفتحها عنوة وكبر على الحصن، وبنى عبادة باللاذقية مسجدا جامعا ووسع بعد ذلك، وفتح المسلمون مدينة تعرف ببلدة على فرسخين من جبلة عنوة.
ثم أنها خربت وجلا أهلها فأنشأ معاوية جبلة وكانت حصنا «٢٢٧» للروم جلوا عنها عند فتح المسلمين حمص. وفتح المسلمون مع عبادة أيضا أنطرطوس، وكان حصنا، ثم جلا أهله عنه، فبنى معاوية مدينة أنطرطوس ومصرها، وأقطع المقاتلة بها القطائع، وكذلك فعل بمرقية وبلنياس، وبيت «٢٢٨» سلمية. ثم أن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس اتخذها وبنى وولده فيها ومصروها، ونزلها من نزل من ولده فهي لهم وارضوها.
ثم جمع هرقل جموعا عظيمة من الروم، وأهل الشام، والجزيرة وأرمينية، تكون زهاء مائتي ألف، وولى أمرهم رجلا من خاصته، وبعث على مقدمته جبلة بن الايهم الغساني، في مستعربة الشام من لخم وجذام وغيرهم، وعزم على محاربة المسلمين والعمل على انه ان ظفر والا دخل قسطنطينية، واجتمع المسلمون فرجعوا اليه فاقتتلوا على اليرموك- وهو نهر- أشد قتال وأبرحه، وكان اجتمع من المسلمين لهم يومئذ نحو أربعة وعشرين «٢٢٩» ألفا، وتسلسلت «٢٣٠» الروم، وأتباعها لئلا يهربوا، فقتل منهم زهاء تسعين ألفا وهرب فللهم فلحقوا بانطاكية، وحلب والجزيرة