أبن صبيح «٣» كاتب المأمون، وكان يتولى له ديوان الرسائل انه، قال:
أمرني [المأمون]«٤» أمير المؤمنين، ان أكتب بالزيادة في قناديل المساجد الجامعة، في جميع الامصار، في ليالي شهر رمضان، قال: ولم يكن سبق الى هذا المعنى أحد، فآخذه واستعين ببعض ما قاله، فأرقت مفكرا في معنى أركبه، ثم نمت فرأيت في المنام كأن آتيا أتاني، فقال: قل فان فيها أنسا للسابلة، وإضاءة للمتهجدة، ونشاطا للمتعبدين ونفيا لمكامن الريب، وتنزيها لبيوت الله عن وحشة الظلم. فهذا وما جرى مجراه من الامور الغريبة، انما يحتاج الكاتب فيها الى أن يكون متمهرا في أصل الترسل عارفا [بوجوه المعاني، فأنه يتفرع له فيه ما يرفعه، بل هاهنا وجوه قد كتب في أمثالها، ولها مذاهب يحتاج الى معرفتها، والوقوف على رسومها]«٥» ، ولا غنى بالكاتب عن الوقوف عليها، ونحن نأتي في هذا الموضع، من ذكر ما يكتب «٦» به في الاعلام في المكاتبات، وما له رسم معروف، ومذهب مألوف، فيكون مثالا لمن لم يعرفه، وطريقا الى الخبرة به فأول ذلك عهود القضاة.