ولما استخلف المأمون [رحمه الله]«٦٩٥» أغزى الصغد وأشروسنة، ومن انتقض عليه من أهل فرغانة الجند، وألح عليهم بالحروب ودعاهم الى الاسلام. وكان كاوس ملك أشروسنة، كتب الى الفضل بن سهل، وزير المأمون وهو بخراسان يسأله الصلح على مال «٦٩٦» يؤديه، على أن لا يغزي بلده فأجابه المأمون الى ذلك، فلما قدم مدينة السلام، امتنع كاوس من الوفاء بالصلح، وكان لابنه كيدر بن كاوس قصد، استوحش معها من ابنه، فصار الى مدينة السلام ووصف للمأمون سهولة الامر في اشروسنة وهون عليه، ما يهوله الناس من حالها ووصف له طريقا مختصرا اليها، فوجه المأمون أحمد بن خالد الاحول الكاتب، في جيش عظيم لغزوها فلما بلغ كاوس اقباله بعث الى الترك يستنجدهم فأنجدوه بالدهم منهم، وأخذ أحمد بن خالد على الطريق الذي بعثه كيدر، حتى قدم اشروسنة وأناخ على مدينتها قبل قدوم [بمن]«٦٩٧» أمده ملك الترك بهم، فلما رأى كاوس ذلك، أسقط في يده، وخرج مستسلما باضعا «٦٩٨» بالطاعة، وورد مدينة السلام فملكه المأمون على بلاده، ثم ملك الافشين ابنه [حيدر]«٦٩٩» بعده، وكان المأمون يكتب الى عماله [عن خراسان]«٧٠٠» ، أن يغزوا من لم يكن على الاسلام من أهل ما وراء النهر، ويفرض لمن أراد الفرض من أهل تلك النواحي، وأبناء ملوكهم، ويستميلهم بالترغيب، فاذا وردوا بابه، شرفهم وأسنى أرزاقهم وصلاتهم.