بطل أمره أول ذلك، لان جسمه أن كان لطيفا ضعف عند احتمال مثل مهنته. وثانيا: لحاجته الى مباشرة الشمس في الصيف دائما، ثم البرد والماء في الشتاء وقتا طويلا، فكانت هذه الاحوال لو لم يكن جاسيا، متينا يحتمل مثلها جسمه بطل وهلك، فهذه حال الاكار «٢» وهو الفلاح، لا يحتمل أن يكون على غيرها فلو انه حتى يجمع الى ذلك مثلا نظرا في الطب أو ما جانسه من «٣» الصناعات الغامضة لكان «٤» ذلك غير متأت له أما لان احدى الصناعتين يشغله الاخذ فيها عن التشاغل بغيرها أو لان معنى كل واحدة لا يتأتى من مراد «٥» له أن يكون جامعا للامر الاخر معه فان الذي يغلظ حتى يقوى مثلا على قلب الارض يوما الى الليل وأكثر منه وتباشره الشمس في الصيف مع قلبه الارض ويخوض في الشتاء المياه الباردة للسقي وما جرى مجراه لا يكاد يفهم من لطائف صناعة الطب مثلا أو غيرها من الصناعات اللطيفة ما يفهمه. أما المدمن للنظر فيها أو اللطيف القادر بلطفه على مثلها فلما كان الامر على هذا في الكثرة والاجتماع في المدينة وكان علم ذلك ما بقى «٦» عند الله سبحانه فطر الانسان محبا للموانسة موثرا للاجتماع مع ذوي جنسه فأتخذ الناس المدائن والامصار واجتمعوا فيها للتعاضد والتوازن للذين ذكرناهما.