للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي الملوك أولى بالحزم، فقال «٤٣» : (من ملك جده هزله «٤٤» ، وأعرب عن ضميره فعله، ولم يخدعه رضاه عن حظه، ولا غضبه عن كيده) . وقال آخر من الفلاسفة: في صفة ملك بالحزم: (انه ينبغي الا يبلغ من الشدة الى ما يلحق معه الفظاظة، ولا من اللين الى ما ينسب معه الى المهانة) . وهذا من جنس قول عمر بن الخطاب [رضى الله عنه] «٤٥» حيث قال «انه ينبغي للوالي ان يكون شديدا في غير عنف ولينا في غير ضعف» ... ولعبد الملك ابن مروان فصل من كلام يحتاج الملوك الى تقبله، وهو قوله: (ان أفضل الناس من تواضع عن رفعة، وزهد عن قدرة، وانصف عن قوة) .

ومما يحتاج اليه الملوك ويزيد في قوتهم عليه، التمهر في العلوم، ومجالسة أهل الآداب والحلوم، والحذق بالمحاجة ومقاومة ذوي الجدل عند المخاصمة، فانه يحكى عن المأمون انه قال لرجل من الخوارج أدخل اليه: ما الذي حملك على خلافنا والخروج علينا فقال الخارجي: آية وجدتها في كتاب الله قال قوله (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ)

«٤٦» فقال له المأمون: ألك علم بأنها منزلة قال نعم، قال: وما الدليل على ذلك، قال: أجماع الامة. فقال له المأمون: فلما رضيت باجماعهم في التنزيل، فأرض باجماعهم في التأويل، فقال الخارجى: صدقت والسلام عليك يا أمير المؤمنين. فنجوع هذا الخارجي بالطاعة التي قاده اليها بالحجة، أحسن من غلبته بالقتال والحرب ...

<<  <   >  >>