الى ناحية بسبب وفائه ... وأما ما يكره الملك من شجاعتهم ونقصان عقولهم، عن الوفاء بها، فمن كانت هذه حاله فره في معيشته، وحوله حسان النساء يحبب السلامة وتباعد ركوب المخاطرة، وليكن خلقك حسنا ستدع به صفو النية وخلوص المقة «٥٠» ولا يتناول من لذيذ العيش، ما لا يمكن أوسط أصحابك تناول مثله، فليس مع الاستئثار محبة ولا مع المواساة بغضة. واعلم ان المملوك اذا أستوى فليس يسأل عن مال مولاه، وانما يسأل عن خلقه. ففيما ذكرناه متعلم لاهل التأمل وذوي الروية والتبصير لان فيه تبيانا عن صواب الرأي في مثل هذا الامر اذا عرض، وتعريفا لوجوب الاحجام عن قتل من يتهم بالظنين وترفيعا عما يوحي العزم ويحبب السلامة من الاسباب التي يستعمل، أو تذكيرا لما يلزم من ترك الاستبداد برغد العيش على من يستصحب، وارشادا الى أحسن الخلق مما يوجب أن يؤثر ولا يغفل. وقالت حكماء الفرس: ان الملك اذا صان وحرس كان فيه أربع خلال من الفضائل، ويكوّن له من ثماني عوارض من الافات يلحقها كثيرا، وتتصل بها أبدا، كان مستظهرا في أمره مستحقا لملكه موثقا لاركانه في جميع شأنه وهي النعمة من السكر والبطر، وصحة الرأي من الجبن، والفشل، والقوة من البغي، والعدوان، والجرأة من السرف والاقتار.