أما الزراعة فأرضهم غير ذات زرع وإن وجد فالمياه شحيحة والخبرة نادرة إلا النخيل على قلته فهو النوع الذي يمكن تخزينه والتجارة به من بلد إلى بلد وما سواه فإما أنه لا ينبت في أرضهم، أو لا يمكن الاحتفاظ به والاتجار لسرعة تلفه في مثل أجوائهم، فالزراعة ليست ذات جدوى اقتصادية في بلادهم.
أما التجارة فكانت تقوم على رحلتين رحلة الشتاء إلى اليمن ورحمة الصيف إلى الشام وما ظنكم بتجارة تلكم وسائلها وإمكاناتها، وما تجدي بضاعة تحملها النوق من الشام أو من اليمن إلى مكة بعد مضي فترة طويلة بين رحلة وأخرى.
وإذا كانت الصناعة والزراعة والتجارة على هذا الحال فكيف سيكون اقتصاد البلاد!! وإذا كان هذا اقتصادهم فكيف ستكون حالتهم المعيشية.
وفي الناحية الاجتماعية كانوا قبائل شتى تقع الحرب بين القبيلتين لأتفه سبب وأهونه وتشعل الحرب في أيام ولا تنطفئ إلا بعد سنوات.
حتى الأسرة يبدو التفكك فيها ظاهرًا وكيف ترجو الترابط الأسري في مجتمع يمتهن المرأة ويعاملها كالسلعة تباع وتشترى وتوهب وتكترى وتورث كما يورث متاع الدار، ومن ثم فلا تعجب إن خمدت عاطفة الأبوة فيقدم الأب على قتل أولاده لا لشيء إلا خشية الإملاق، ويدفن ابنته وهي حية لا لشيء إلا خشية العار.
تأمل في هذا المجتمع حيث لا سياسة توحد صفوفهم ولا اقتصاد يجمع كلمتهم ويوصد مصالحهم، ولا سلام يسود بينهم، ديدنهم توارث العداوات والأحقاد ودأبهم السلب والنهب ومعبودهم الأصنام والأوثان.
وإذا كان الأمر كذلك لا سياسة تشغلهم في بحث شئون الدولة وإصدار الأنظمة والقوانين وبحث العلاقات السياسية مع الدول المجاورة ولا اقتصاد يجمعهم للتداول في أمره والتماس السبل الاقتصادية والمعاملات التجارية أو صناعة تشغل وقتهم أو زراعة تملأ فراغهم، إذا كان الأمر كذلك فإن الفراغ