للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحفوظة عن شعراء الجاهلية، ويقول ص٢٩: "يمكن تعريف الشعر الجاهلي بأنه وصف مزين بالشواهد لحياة الجاهلية وأفكارها، فقد صور العرب أنفسهم في الشعر صورة منطبقة على الحقيقة بدون تزويق ولا تشويه"٢٧.

ويقول نولدكه في كتابه من الشعر العربي القديم "ص١٧، طبع هانوفر سنة ١٨٦٤": "إن عادات عرب الجاهلية وأحوالهم معلومة لنا بدقة، نقلًا عن أشعارهم"٢٨. وقد كان الباحثون والمؤرخون الذين يتصدون للبحث في تاريخ العرب يتخذون من نصوص الأدب الجاهلي، أهم مصدر يعتمدون عليه في بحوثهم، وما زال الباقي منه إلى اليوم، من أهم المراجع للباحثين في أحوال العرب قبل الإسلام.

وكأن الدكتور طه حينما دعا إلى عدم الاعتماد على البقية الباقية من تراث الجاهليين الأدبي في تصوير حالة الجاهليين، أحس أن الباحثين دائمًا يتطلعون إلى المصادر الهامة التي يعتمدون عليها في بحوثهم، فكان أن وجه الأنظار إلى المصدر الذي يعتقد أنه خير ما يصور حالة العرب قبل الإسلام، فقال٢٩: "إذا أردت أن أدرس الحياة الجاهلية فلست أسلك إليها طريق امرئ القيس والنابغة والأعشى وزهير وقس بن ساعدة وأكثم بن صيفي؛ لأني لا أثق بما ينسب إليهم، وإنما أسلك إليها طريقًا أخرى، وأدرسها في نص لا سبيل إلى الشك في صحته، أدرسها في القرآن، وأدرسها في شعر هؤلاء الشعراء الذين عاصروا النبي، وجادلوه، وفي شعر الشعراء الآخرين الذين جاءوا بعده، ولم تكن نفوسهم قد طابت عن الآراء والحياة التي ألفها آباؤهم قبل ظهور الإسلام. بل أدرسها في الشعر الأموي نفسه، فلست أعرف أمة من الأمم القديمة استمسكت بمذهب المحافظة في الأدب، ولم تجدد فيه إلا بمقدار، كالأمة العربية. فحياة العرب الجاهليين ظاهرة في شعر الفرزدق وجرير وذي الرمة والأخطل والراعي أكثر من ظهورها في هذا الشعر الذي ينسب إلى طرفة وعنترة وبشر بن أبي خازم".

ثم يسير في بيان الأسباب التي دعته إلى توجيه الباحثين عن صورة صادقة لحياة الجاهليين


٢٧ "الشهاب الرصد". ص٤٠.
٢٨ الشهاب الراصد، ص٤١.
٢٩ في الأدب الجاهلي. ص٧٠-٧١.

<<  <   >  >>