ثم خاطب الشاعر من يسعى بينهم وبين عمرو بن هند بالنميمة وطالبه بالإقلاع عن وشايته، وكان ذلك تمهيدًا لمدح عمرو، فقال عنه إنه ملك عادل، وهو أكمل الناس عقلًا ورأيًا، ولا يفي بحقه ثناء، وملكه وطيد، ومجده عظيم، ومفاخره مشهورة:
أيها الشانئ المبلغ عنا ... عند عمرو، وهل لذاك انتهاء
إن عمرًا لنا لديه خلال ... غير شك في كلهن البلاء
ملك مقسط وأكمل من يمـ ... ـشي ومن دون ما لديه الثناء
أرميّ بمثله جالت الجـ ... ـن فأبت لخصمها الإجلاء
واستمر الحارث فذكر أن لقومه ثلاثة مواقف تثبت ولاءهم لعمرو بن هند، وهي:
أولًا: حينما جاء قيس بن معد يكرب على رأس جيش للإغارة على إبل عمرو بن هند فردتهم بنو يشكر، وقتلوا فيهم.
ثانيًا: حين غزا الكندي امرؤ القيس أبا المنذر بن ماء السماء بجمع كثير من كندة، فخرجت بكر مع امرئ القيس وهزموهم شر هزيمة.
ثالثًا: عندما أغارت بكر بن وائل مع عمرو بن هند على الغسانيين لاستنفاد امرئ القيس ابن المنذر بن ماء السماء أخي عمرو بن هند لأبيه، فقتلوا ملك غسان، واستنفدوا امرأ القيس، وأخذ عمرو بن هند ابنة ذلك الملك، وهي ميسون.
ثم قال الحارث بن حلزة: إن عمرو بن هند قريب لهم؛ وذلك لأن هند أمه بنت عمرو بن حجر آكل المرار، وعمرو بن حجر هذا كانت أمه هي أم أناس بنت ذهل بن شيبان بن ثعلبة، فأم أناس هذه جدة أم عمرو بن هند، وهي من قوم الحارث بن حلزة، وذلك دليل مكانتهم العظيمة؛ لأن الملوك يرونهم أهلًا لمصاهرتهم، ثم ختم الحارث كلامه بأن هذه القرابة من عمرو بن هند تجعلنا ناصحين مخلصين له:
من له عندنا من الخير آيا ... ت ثلاث في كلهن القضاء