للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما النابغة الذبياني فقال عن نفسه أنه لا يمدح السوقة، فكان يمدح الملوك والعظماء، من ذلك قوله في مدح عمرو بن الحارث الأصغر بن الحارث الأكبر الغساني*:

كليني لِهَمٍّ يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب

تطاول حتى قلت ليس بمنقض ... وليس الذي يرعى النجوم بآيب

وصدر أراح الليل عازب همه ... تضاعف فيه الهم من كل جانب٢٧٦

علي لعمرو نعمة بعد نعمة ... لوالده ليست بذات عقارب٢٧٧

حلفت يمينًا غير ذي مثنوية ... ولا علم إلا حسن ظن بصاحب٢٧٨

لئن كان للقبرين قبر بجلق ... وقبر بصيداء الذي عند حارب٢٧٩

وللحارث الجفني سيد قومه ... ليلتمسن بالجيش دار المحارب

وثقت له بالنصر إذ قيل قد غزت ... كتائب من غسان غير أشائب

بنو عمه دنيا وعمرو بن عامر ... أولئك قوم بأسهم غير كاذب

إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم ... عصائب طير تهتدي بعصائب

يصاحبنهم حتى يغرن مغارهم ... من الضاريات بالدماء الدوارب

تراهن خلف القوم خزرًا عيونها ... جلوس الشيوخ في ثياب المرانب٢٨٠

جوانح قد أيقن أن قبيله ... إذا ما التقى الجمعان أول غالب

لهن عليهم عادة قد عرفنها ... إذا عرض الخطي فوق الكواثب٢٨١

على عارفات للطعان عوابس ... بهن كلوم بين دامٍ وجالب٢٨٢


* من ديوان النابغة الذيباني، طبعة الهلال سنة ١٩١١، ص: ٩.
٢٧٦ أراح: رد. عازب: بعيد.
٢٧٧ ليست بذات عقارب: لم يكدرها من ولا أذى.
٢٧٨ غير ذي مثنوية: لا استثناء فيها. حسن ظني بصاحبي: ثقة به.
٢٧٩ قبر بجلق وقبر بصيداء: هما القبران اللذان فيهما أبو الممدوح وجده.
٢٨٠ خزرًا عيونها: تنظر بمؤخرة عيونها. والثياب المرنبانية: ثياب يميل لونها إلى السواد، شبه ألوان النسور بها.
٢٨١ الكاثبة في المنسج أمام القربوس. الخطي: الرماح المنسوبة إلى الخط وهو موضع.
٢٨٢ الكلوم: جمع كلم وهو الجرح. الدامي: الذي يسيل دمه. الجالب: اليابس من الجراح أي الجرح الذي جف. عوابس: كوالح: أي خيل غاضبة.

<<  <   >  >>