للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكنت كذات البو ريعت فأقبلتْ ... إلى جلد من مسك سقب مقدد٣٦٠

فطاعنت عنه الخيل حتى تنفست ... وحتى علاني حالك اللون أسودي٣٦١

قتال امرئ آسى أخاه بنفسه ... ويعلم أن المرء غير مخلد٣٦٢

فإن يك عبد الله خلى مكانه ... فما كان وقافًا ولا طائش اليد٣٦٣

كميش الإزار خارج نصف ساقه ... بعيد من الآفات طلاع أنجد٣٦٤

قليل التشكي للمصيبات حافظ ... من اليوم أعقاب الأحاديث في غد٣٦٥

تراه خميص البطن والزاد حاضر ... عتيد ويعدو في القميص المقدد٣٦٦

وأن مسه الإقواء والجهد زاده ... سماحًا وإتلافًا لما كان في اليد٣٦٧

صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه ... فلما علاه قال للباطل ابعد٣٦٨


٣٦٠ ذات البو: الناقة التي يموت لدها فيسلخ جلده ويحشى تبنًا لتحن عليه فتدر اللبن. وراعه: أفزعه وخوفه. والجلد: ما جلد من المسلوخ وألبس غيره لتشمه أم المسلوخ فتدر عليه، والمسك: الجلد. والسقب: ولد الناقة - والمعنى فصرت في الفزع والخوف. كذات البو: التي فزعت على ولدها فأقبلت إلى جلده الموضوع على غيره لتشمه.
٣٦١ تنفست: تكشفت. والحالك: الأسود. وأسودي: أصله أسودي بياء النسب مشددة فخفف بحذف إحدى الياءين- والمعنى فضابت الفرسان حتى انكشفوا عنه وتلوثت بدمائهم ومن شدتها تغير لوني بالسواد.
٣٦٢ قتال منصوب على المصدرية وآساه سواه بنفسه- والمعنى أني لم أقصر في دفاعي عنه ولم أرهب الموت لعلمي أن الإنسان لا يخلد.
٣٦٣ خلى مكانه: مضى لسبيله. والوقاف: الذي يقف مخافة وجبنًا ولا يقدم. والطائش: الذي لا يصيب.
٣٦٤ كميش الإزار: مثل في الجد والتشمير، والكميش الخفيف السريع وأضاف الكميش إلى الإزار توسعًا. وقوله خارج نصف ساقه: يصفه أيضًا بالجد والنشاط. وقوله بعيد من الآفات: يريد أنه سليم الأعضاء لا داء به - والمعنى أنه إذا أراد أمرًا جد فيه وشمر له، وكان مع هذا سالمًا من الأمراض جادًّا في الأمور الشريفة.
٣٦٥ يريد بقوله قليل التشكي: في أنواع التشكي كلها لأنهم يستعملون القلة في معنى النفي والتشكي الشكاية- والمعنى أنه كان على الهمة قوي الفكرة صبورًا على حوادث الدهر بصيرًا بالعواقب يعلم في يومه ما يكون في غده فيسعى في دفعه.
٣٦٦ خميص البطن: خاليها. والعتيد: المعد. والمقدد: الممزق- والمعنى أنه كان كريمًا بالغ النهاية في الكرم يؤثر غيره على نفسه بزاده وملبسه يصفه بقلة الأكل مع اتساع الحال وحضور الزاد.
٣٦٧ الإقواء: الفقر. والسماح: السماحة، الجود الكرم- والمعنى أنه إذا ضاقت به الدنيا لا يقصر في الكرم وفي بذل ما في يده.
٣٦٨ صبا: الأول من الميل والثاني من الصباء وهو حداثة السن- والمعنى أنه مال إلى اللهو مدة صغر سنه فلما شاب ترك الملاهي.

<<  <   >  >>