للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال النابغة الذبياني يرثي النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني٣٦٩.

فلا يهنئ الأعداء مصرع ملكهم ... وما عنقت منه تميم ووائل٣٧٠

وكان لهم ربعية يحذرونها ... إذا خضخضت ماء السماء القبائل٣٧١

يسير بها النعمان تغلي قدوره ... تجيش بأسباب المنايا المراجل

يقول رجال يجلهون خليقتي ... لعل زيادا لا أبا لك غافل٣٧٢

أبي غفلة أني إذا ما ذكرته ... تحرك داء في فؤادي داخل

وإن تلادي إن ذكرت وشكًّتي ... ومهري وما ضمت إلي الأنامل

حباؤك والعيس العتاق كأنها ... هجان المها تحدى عليها الرحائل٣٧٣

فإن كنت قد ودعت غير مذمم ... أَواسي ملك ثبتتها الأوائل٣٧٤

فلا تبعدن إن المنية منهل ... وكل امرئ يوما به الحال زائل

فما كان بين الخير لو جاء سالمًا ... أبو حجر إلا ليال قلائل٣٧٥

فإن تحي لا أملل حياتي وإن تمت ... فما في حياة بعد موتك طائل

فآب مصلوه بعين جلية ... وغودر بالجولان حزم ونائل٣٧٦


٣٦٩ ديوانه ص٨٢.
٣٧٠ عنقت: نجت، وذلك أنه كان يغزوهم فنجوا بموته، ويجوز أن يكون المقصود دعاء عليهم، أي لا هنأهم الله بموته ولا نجوا بعده.
٣٧١ ربيعة: غزوة الربيع، خضخضت: أى حركت الماء باستقائها منه بالدلاء وغير ذلك من آلات الماء.
٣٧٢ زياد: اسم النابغة الذبياني.
٣٧٣ حباؤك: هديتك. العيس: الإبل البيض. هجان المها: بيضها. تحدى: تساق: الرحائل: جمع رحالة، وهي السرج.
٣٧٤ ودعت: فارقت. أواسي: جمع آسية وهي السارية والدعامة. يقول: إن كنت قد فارقت هذا الملك الذي كان آباؤك أورثوك إياه. فلم تفارقه وأنت مذموم، بل فارقته وأنت محمود ويتفجع عليك.
٣٧٥ أبو حجر: كنية النعمان بن الحارث. يقول: لو سلم من الموت لكان الخير كله يقرب علينا ويجيء إلينا بمجيئه.
٣٧٦ آب: رجع. المصلون: أصحاب الصلاة وهم الرهبان وأهل الدين. أو هم الذين أكدوا خبر موته، أخذًا من السابق والمصلى، فالسابق الذي يأتي أولا، والمصلى الذي يجيء بعده، فكان من أخبر بموته أولا لم يصدق إلى أن جاء اللاحق فأكد موته. بعين جلية: أي بخبر يؤكد موته. ويقصد بالشطر الثاني أنه دفن بالجولان، فكأن في القبر رجل كان حازمًا في أموره، ويعطي قاصده.

<<  <   >  >>