للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى تولى يومهم وتروحوا ... لا ينثنون إلى مقال الزاجر٥٢١

فهو في قراهم وإكرامهم، قد جمع كل نواحي المتعة والسرور، من شراب وطعام وغناء.

ولئن رأينا في أبيات الشنفرى السابقة صورة للمرأة المثالية، في خَلقها وخُلقها، وطباعها، وعادتها، ومعاملتها لزوجها، فإن الحياة تجمع الخير والشر، وفيها الوفاق والشقاق، كما أن فيها الوئام والخصام، وفي أبيات لعلباء بن أرقم بن عوف، نرى صورة لحياة زوجية لم تكن سعيدة دائمًا، إذ يقول٥٢٢:

ألا تلكما عرسي تصد بوجهها ... وتزعم في جاراتها أن من ظلم

أبونا، ولم أظلم بشيء عملته ... سوى ما ترين في القذال من القدم٥٢٣

فيوما توافينا بوجه مقسم ... كأن ظبية تعطو إلى ناضر السلم٥٢٤

ويومًا تريد مالنا مع مالها ... فإن لم ننلها لم تنمنا ولم تنم

نبيت كأنا في خصوم عرامة ... وتسمع جاراتي التألي والقسم٥٢٥

فقلت لها أن لا تناهي فإنني ... أخو النكر حتى تقرعي السن من ندم٥٢٦

لتجتنبنك العيس خنسًا عكومها ... وذو مرة في العسر واليسر والعدم٥٢٧

فهو هنا يشكو من زوجته ويصف حياتهما بأنها مضطربة لا يسودها الوفاق والانسجام، ويذكر أن زوجته كثيرة الادعاء والشكوى، وتتحدث مع جاراتها بأن حظها سيّئ، وأن


٥٢١ تروحوا: عادوا إلى منازلهم. لا ينثنون: لا يسمعون ولا يتأثرون. الزاجر: يقصد الحاسد الحقود.
٥٢٢ الأصمعيات، ص١٥٧ ب:١-٧.
٥٢٣ القذال: جماع مؤخر الرأس من الإنسان والفرس فوق فأس القفا.
٥٢٤ مقسم: من الأقسام، وهو الجمال والحسن، ووجه مقسم: جميل كله، كأن كل موضع منه قسم من الجمال.
تعطو: تتناول، يتعدى بنفسه وبالحرف. السلم: ضرب من شجر البادية يعظم وله شوك، واحدته سلمى.
٥٢٥ خصوم: جمع خصم أي جماعة يختصمون، العرامة: الشراسة والأذى، التألي: الحلف والقسم.
٥٢٦ تناهي: تكفي وتقلعي. النكر: الدهاء والفطنة.
٥٢٧ العيس: الإبل البيض التي يخالط بياضها شيء من الشقرة. العكوم: الأحمال والأعدال التي فيها الأوعية من صنوف الأطعمة والمتاع. والخنس: جمع أخنس وخنساء. والخنس في الأنوف انحناؤها؛ وصف به العكوم لامتلائها وانحنائها. مرة: قوة، يقصد ذو عقل وقوة وأصالة، يعني بذلك نفسه.

<<  <   >  >>