الناس لم يعد من الناس"، واشتهر منهم كثير بحفظ أنسابهم وأنساب القبائل الأخرى حتى عرفوا بالنسابين، منهم:
١- دغفل بن حنظلة السدوسي من شيبان، وتحكى عنه منافسته لأبي بكر رضي الله عنه في معرفة الأنساب، فقد كان كل منهما مشهورًا بالإحاطة بأنساب العرب وأحوالهم وصفاتهم.
روى الهيثم بن عدي عن عوانة، قال: سأل زياد دغفلا عن العرب فقال: الجاهلية لليمن، والإسلام لمضر، والفتنة لربيعة. قال: فأخبرني عن مضر. قال: فاخر بكنانة، وكابر بتميم، وحارب بقيس، ففيها الفرسان والنجوم، وأما أسد ففيها ذل وكيد. وقيل له: ما تقول في بني عامر بن صعصعة؟ قال: أعناق ظباء، وأعجاز نساء.. فما تقول في أسد؟ قال: عافة قافة، فصحاء كافة.. فما تقول في خزاعة، قال: جوع وأحاديث.. فما تقول في اليمن، قال: سيود أيوك.
٢- ابن لسان الحمرة، وهو خطيب بليغ نسابة، اسمه عبد الله بن حصين أو ورقاء بن الأشقر.
٣- زيد بن الكيس النمري: وكان ممن يقارب دغفلا في العلم بالأنساب.
٤- والنخر بن أوس بن الحارث بن هذيم القضاعي.
٥- صعصعة بن صوحان العبيدي: كان من المشاهير بمعرفة أنساب العرب، ومن المقدمين بعلم أحوال قومه في الجاهلية وقد أدرك الإسلام٢.
وأحاديثهم في مجالسهم، وتنافسهم في مجتمعاتهم، وبخاصة في الأسواق وموسم الحج، وحاجتهم إلى التأثير في القلوب، وامتلاك الافئدة كي يصلوا إلى ما يريدون من قضاء الحاجات أو حل المشكلات، أو الزهو والتعالي على سواهم أوجد عندهم نهضة بلاغية ممتازة، حتى اشتهروا بالفصاحة والبيان وما أثر عنهم من أدب وبخاصة الشعر يدل على بلوغهم درجة عليا في حسن التصوير وجودة التعبير، والذوق الأدبي الرفيع.
وما أثر عنهم من حكم وأمثال يبين ما كان لديهم من خبرة قوية بالحياة وأحوال النفس