نَيْسابور من جملة خراسان علمًا وورعًا ونبلًا، وشاع ذكره في الآفاق، وكان إمام المسلمين على الإطلاق.
وتأدب على أبيه أبي سعد، واختلف إلى أبي بكر محمَّد بن العباس الطَّبَري الخُوارِزْمي في الأدب فتخرج به، ودرس الفقه على شيخ الإسلام أبي نصر بن سهل القاضي مدة.
ثمّ جاء إلى القاضي أبي الهَيْثَمُ عتبة بن خيثمة ولازمه حتّى تقدّم في الفقه، وحج سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، ولما ورد بغداد عوتب من دار الخلافة في أنّه منع من اتخاذ صندوق في قبر هارون الرشيد في مشهد طوس، وطور للخليفة إنَّ السبب في منع ذلك فتواه، وقبح صورة حاله، فاعتذر عن ذلك بأن قال: كنت مفتيًا فأفتيت بما وافق الشّرع والمصلحة، رعاية أنّه لو نصب الصندوق فإنّه يقلع منه لاستيلاء المتشيعة، ويصير ذلك سبب وقوع الفتنة والتعصب والاضطراب، ويؤدِّي ذلك إلى فساد المملكة فارتضاه الخليفة ولم ينجع ما سبق من التخليط سمع من الطبقة الثّانية بعد الاسم وأقرانه، مثل أبي عمرو إسماعيل بن نجيد، وبشر بن أحمد الإِسْفَرايِيْنِي، وأبي عمرو بن حمدان، وأبي محمَّد السمذي، وأبي الحسن علي بن محمَّد البكائي، وسمع من مشايخ ما وراء النهر وأكثر الرِّواية، وسمع منه الكبار، وحضر مجلسه الحفاظ، وعقد مجلس الإملاء سنين.
وقال السمعاني في "الأنساب": كان من أهل العلم والفضل، وولي القضاء بنيسابور مدة، ثمّ صرف عنها وولي مكانه أبو الهَيْثَمُ عتبة بن خيثمة وكان أحد شيوخه. وقال ابن الجوزي في "المنتظم": سمع الحديث